مكناس… درس في التدبير الأمني للاحتجاجات السلمية
شهدت مدينة مكناس وقفات احتجاجية لقيت اهتماماً واسعاً، ليس فقط بسبب مطالب المشاركين، بل أيضاً للطريقة التي تعاملت بها السلطات الأمنية. فقد سجل متابعون إشادة كبيرة بالمقاربة المعتمدة، معتبرين أنها جسدت نموذجاً للتدبير الهادئ والمسؤول للحركات الاحتجاجية.
مقاربة قائمة على الاحتواء
اختارت القيادات الميدانية في هذه الوقفات نهج الاحتواء وضبط النفس بدل المواجهة، ما سمح بمرور الاحتجاجات في أجواء هادئة ومنظمة، من دون تسجيل احتكاكات أو تجاوزات. هذا السلوك عزز ثقة المواطنين في المؤسسات وأعطى إشارة قوية حول وجود إرادة لاحترام الحق في التعبير مع الحفاظ على النظام العام.
التزام شبابي بالسلمية
إلى جانب ذلك، ساهم التزام عدد كبير من الشباب المحتجين بالسلوك السلمي في نجاح التجربة، حيث أظهروا أن التعبير عن المطالب يمكن أن يتم بطرق حضارية ومسؤولة. حتى في حالات الاستفزاز المحدودة، ظل تعامل رجال الأمن هادئاً واحترافياً، ما جنب المدينة أي انزلاق محتمل.
توازن بين الحقوق والاستقرار
العناصر الأمنية لم تكتف بتأمين الوقفات، بل سهرت أيضاً على ضمان انسيابية المرور وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وهو ما سمح باستمرار الحياة اليومية بشكل طبيعي. هذا التوازن أظهر أن الجمع بين احترام الحقوق الأساسية وضمان الاستقرار ممكن من خلال إدارة ذكية ومرنة.
رهانات سياسية واجتماعية
غير أن نجاح المقاربة الأمنية وحده لا يكفي، إذ تبقى المسؤولية مطروحة على الفاعلين السياسيين للاستجابة للمطالب الاجتماعية المرتبطة بالصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية. فالمعالجة الحقيقية للاحتقان لا يمكن أن تظل حكراً على المقاربة الأمنية.
درس لمستقبل العلاقة بين الدولة والمجتمع
ما جرى في مكناس يؤكد أن التعامل الهادئ من طرف السلطات، إلى جانب الالتزام السلمي للمواطنين، يشكلان معاً أساساً متيناً لبناء علاقة قائمة على الحوار والثقة المتبادلة، بعيداً عن منطق الصدام والإقصاء.