‫الرئيسية‬ سياسة كيف تستعد الجزائر للتنازل عن تندوف للبوليساريو؟
سياسة - سبتمبر 9, 2025

كيف تستعد الجزائر للتنازل عن تندوف للبوليساريو؟

الجزائر بوليساريو

خلال الأسابيع الأخيرة، تصاعد الجدل السياسي والإعلامي في الجزائر عقب تصريحات شخصيات عامة، أبرزها عبد القادر بن قرينة وسعيد سعيود، بشأن وضعية تندوف. فبعد أن كانت تُقدَّم دائماً كولاية جزائرية كاملة السيادة، بدأ البعض يصفها بأنها منطقة حدودية أو إقليماً يدار فعلياً من قبل جبهة البوليساريو. هذا التحول في الخطاب يطرح سؤالاً حساساً: هل تتجه الجزائر فعلاً إلى التنازل تدريجياً عن تندوف للبوليساريو؟

تندوف: ولاية ليست كبقية الولايات

تقع تندوف في أقصى الجنوب الغربي للجزائر، وتشكل منطقة استراتيجية محاذية للمغرب وموريتانيا والصحراء الغربية. منذ سبعينيات القرن الماضي، أصبحت هذه المنطقة مقراً لمخيمات اللاجئين الصحراويين ومركز القيادة السياسية والعسكرية للبوليساريو.

  • الواقع الميداني: الجيش الجزائري يراقب الحدود والمحيط، بينما تدير البوليساريو الحياة اليومية داخل المخيمات.

  • قيود على الدخول: الجزائريون أنفسهم لا يمكنهم دخول تندوف أو المخيمات المحيطة إلا بإذن خاص من البوليساريو.

هذا الوضع جعل من تندوف منطقة “خارج السيطرة الكاملة”، رغم أنها على الورق ولاية جزائرية.

تصريحات بن قرينة وسعيد سعيود

  • عبد القادر بن قرينة، الوزير السابق ورئيس حركة البناء الوطني، صرّح بأن “تندوف لم تعد ولاية جزائرية بل منطقة حدودية تُدار من طرف البوليساريو”.

  • سعيد سعيود، وزير النقل، ظهر في مقطع مصوَّر انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي وهو يتحدث بلهجة مماثلة، مما عُدَّ اعترافاً ضمنياً بواقع قائم.

هذه التصريحات، التي نُقلت عبر الإعلام المحلي والدولي، تعكس تحولاً كبيراً: فالمسكوت عنه أصبح اليوم يُقال علناً داخل الجزائر.

تهيئة الرأي العام

اللافت هو غياب أي توضيح أو نفي رسمي من السلطات الجزائرية، ما يفتح المجال لتأويلات متعددة:

  • اختبار ردود الفعل داخل الرأي العام والمؤسسة العسكرية إزاء الاعتراف بانحسار السيادة على تندوف.

  • تطبيع الفكرة بأن المنطقة ليست ولاية جزائرية تقليدية، تمهيداً لتقبل احتمال تفويض إدارتها للبوليساريو.

  • إعادة صياغة الموقف الدبلوماسي بحيث تظهر الجزائر كـ”بلد مضيف” فقط، وليست طرفاً مباشراً في نزاع الصحراء.

التداعيات الإقليمية

أي انتقال رسمي أو غير رسمي في وضعية تندوف ستكون له انعكاسات كبيرة:

  • بالنسبة للجزائر: قد تتخفف من عبء إداري وأمني، لكنها ستُتهم بالتخلي عن سيادتها على جزء من أراضيها.

  • بالنسبة للمغرب: سيكون ذلك دليلاً إضافياً على أن البوليساريو يسيطر فعلاً على أرض، مما يضعف الطرح الجزائري أمام المنتظم الدولي.

سيطرة البوليساريو على تندوف أمر واقع منذ عقود، لكن الجديد هو أن شخصيات جزائرية بدأت تعلن ذلك صراحة، وأن وسائل إعلام جزائرية تتحدث الآن عن “جمهورية تندوف”.
قد يكون من المبكر الحديث عن تنازل رسمي، غير أن المؤشرات تدل على أن الجزائر تمهّد تدريجياً للرأي العام قبول فكرة أن تندوف لم تعد ولاية جزائرية كسائر الولايات.