الجزائر: إقالة مفاجئة لرئيس جهاز الاستخبارات الداخلية وعودة مثيرة للجدل للواء “حسان”
في خطوة مفاجئة تعكس اضطرابات متواصلة داخل بنية النظام الأمني الجزائري، أقدمت السلطات يوم الأربعاء 21 ماي على إقالة اللواء عبد القادر حداد، المعروف بلقب “ناصر الجن”، من منصبه على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI)، بعد أقل من عام على تعيينه. وجرى تعويضه باللواء عبد القادر آيت وعرابي، الملقب بـ”حسان”، في عودة مثيرة للجدل لأحد أبرز رموز الجهاز الأمني في تسعينيات القرن الماضي.
وبحسب مصادر متطابقة، جاءت الإقالة على خلفية حادثة اختطاف الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، التي تشير المعطيات الأولية إلى أن “ناصر الجن” أشرف عليها شخصيًا، استنادًا إلى تقرير أمني وصف بالمزور رُفع إلى الرئيس عبد المجيد تبون. وتشير ذات المصادر إلى أن حداد قد يُحال على المحاكمة العسكرية، في سابقة جديدة تعكس تفككًا داخليًا متزايدًا في مفاصل المؤسسة الأمنية.
تعيين “حسان” على رأس جهاز الأمن الداخلي يعيد إلى الواجهة أسماء تعود إلى حقبة “العشرية السوداء”، إذ سبق له أن تولى قيادة فرقة أمنية خاصة داخل جهاز الاستخبارات السابق (DRS)، واشتهر بقربه من الجنرال المتقاعد محمد مدين، المعروف بـ”توفيق”، الذي هيمن على المشهد الأمني الجزائري لأكثر من عقدين. وقد أُدين “حسان” عام 2015 بخمس سنوات سجناً بتهم تتعلق بنقل أسلحة وتسريب وثائق سرية، عقب قيادته لعملية عسكرية دموية خلال أزمة الرهائن في منشأة عين أميناس الغازية، التي خلفت عشرات القتلى، بينهم أجانب.
رغم هذه السوابق، عاد اللواء “حسان” إلى الساحة من جديد، في مؤشر على أن “عشيرة توفيق”، التي تم تفكيكها بين عامي 2015 و2019، بدأت تستعيد مواقعها داخل مفاصل الدولة، بدعم غير معلن من دوائر القرار. وكان ظهوره في اجتماع المجلس الأعلى للأمن في يناير 2022 إلى جانب “ناصر الجن” و”جبار مهنا” قد أثار الكثير من التساؤلات حينها حول مستقبل التوازنات داخل المؤسسة العسكرية.
ويُلاحظ أن طريقة الإعلان عن هذه التغييرات لا تزال تخضع لنمط غير رسمي، حيث تُنشر أولى المعطيات عبر تسريبات على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تؤكدها الجهات الرسمية لاحقًا، ما يعكس استمرار غياب الشفافية المؤسساتية في إدارة الشأن الأمني.
منذ خمس سنوات، تعاقب نحو 15 جنرالًا على قيادة أبرز الأجهزة الاستخباراتية في الجزائر (DGSI، DGDSE، DCSA)، في دليل واضح على حالة من الاضطراب البنيوي داخل هذه الهياكل الحساسة. ويرى مراقبون أن غياب الكفاءات الجديدة، واعتماد النظام على إعادة تدوير الوجوه القديمة، يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب، ويعكس أزمة عميقة في آليات الحكم.
وبينما تطالب فئات واسعة من المجتمع بإصلاحات حقيقية تعيد الاعتبار لمؤسسات الدولة وتعزز ثقة المواطن، يواصل النظام الجزائري تسيير مفاصله الحساسة بمنطق أمني صرف، حيث تبقى الولاءات القديمة معيارًا أقوى من الكفاءة والمساءلة.