هشام بهلول… فارس الدراما التاريخية وسفير الفن المغربي
في عالم الفن حيث يسطع الكثيرون وينطفئ البعض بسرعة، يُعد هشام بهلول واحدًا من الأسماء القليلة التي استطاعت أن تحافظ على حضورها وتألقها عبر الزمن، بفضل موهبة نادرة، وذكاء فني، وإنسانية عالية. من الدار البيضاء إلى عواصم الدراما العربية، شق بهلول طريقه كأحد أعمدة التمثيل في المغرب والعالم العربي، مجسدًا شخصيات مركبة، ومخترقًا قلوب المشاهدين بحضوره الطاغي وأدائه الصادق.
مسلسل “على غفلة” يتصدر قائمة “فرجة” ويحقق نجاحًا استثنائيً
النشأة والبدايات: شغف مبكر وموهبة نادرة
وُلد هشام بهلول في 3 سبتمبر 1973 بمدينة الدار البيضاء. منذ صغره، كان شغوفًا بالمسرح والأداء، ما دفعه للانخراط في الورشات المسرحية والجمعيات الثقافية، قبل أن يلتحق بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، حيث صقل موهبته ودرس على أيدي كبار الأساتذة، واضعًا بذلك أولى لبنات مسيرته المهنية.
إطلالة سينمائية متميزة
كانت بداية بهلول مع السينما المغربية مميزة، إذ شارك في أفلام لاقت صدى واسعًا، نذكر منها:
-
“القلوب المحترقة” (2007) للمخرج أحمد المعنوني، حيث قدّم أداءً عميقًا لشخصية تعاني صراعًا داخليًا مريرًا.
-
“السمفونية المغربية” (2006)، وهو فيلم جسد من خلاله التناقضات الاجتماعية والثقافية في المغرب.
-
“غروب الشمس” و**”المطمورة”**، حيث أظهر قدرة عالية على تجسيد الشخصيات المركبة ذات الأبعاد النفسية.
نجم المسلسلات التاريخية في الوطن العربي
بعد نجاحاته في السينما المغربية، فتحت أمامه أبواب الدراما العربية، خاصة التاريخية، حيث لمع نجمه من خلال:
-
“هولاكو” (2002): جسّد دورًا مركزيًا في ملحمة عربية تناولت سقوط بغداد.
-
“الحسن والحسين” (2011): أدّى فيه شخصية دقيقة ضمن أحداث تتناول فترة حساسة من التاريخ الإسلامي.
-
“عمر” (2012): كان له حضور لافت في شخصية عكرمة بن أبي جهل، أحد أبرز شخصيات صدر الإسلام.
تميز بهلول في هذه الأعمال بإتقانه الفريد للغة العربية الفصحى، وصوته الرخيم، وقدرته على التقمص الدقيق للأدوار التاريخية، مما جعله مرجعًا في هذا النوع من الدراما.
حادث مأساوي… وقصة عودة تُدرّس
في واحدة من أصعب لحظات حياته، تعرض هشام بهلول لحادث سير مروع كاد أن ينهي مسيرته الفنية، بل وحياته. دخل في غيبوبة، وتوقف قلبه، وخضع لعدة عمليات جراحية معقدة. لكن الإرادة كانت أقوى من الألم، فعاد بعد شهور من العلاج والتأهيل، أكثر عزيمة وإصرارًا. هذه التجربة الإنسانية العميقة صقلته أكثر كفنان، وأضفت على أدائه عمقًا أكبر.
أعماله الحديثة… تنوع وتجديد
لم يكتف بهلول بما حققه في السابق، بل واصل عطاؤه الفني، وشارك في أعمال مغربية وعربية جديدة منها:
-
“فتح الأندلس” (2022): مسلسل تاريخي شارك فيه بدور قيادي يروي بداية العهد الإسلامي في الأندلس.
-
“إلا ضاق الحال” (2023): دراما اجتماعية مغربية تحاكي الواقع المعيشي لفئات هشة.
-
“ولاد الشمس” و**”قلبي ومفتاحه”** (2025): أعمال درامية عصرية مزج فيها بين الأداء الكلاسيكي والتجديد في الشكل والمضمون.
-
فيلم “٦ أيام” (2025): تجربة سينمائية جديدة في عالم الأكشن والتشويق.
جوائز وتكريمات
حصد هشام بهلول طيلة مسيرته العديد من الجوائز والتكريمات، من بينها:
-
جائزة أفضل ممثل في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.
-
تكريم خاص من مهرجان الدار البيضاء الدولي للفيلم (2018).
-
جائزة التميز الفني من مهرجان القاهرة للدراما التاريخية.
وجه إنساني وصوت للفنانين
بعيدًا عن الأضواء، يُعرف هشام بهلول بمواقفه الإنسانية والتضامنية، حيث كان من أوائل الداعمين للممثل محمد عزام “بهلول” في أزمته القانونية سنة 2025. قاد حملة تضامنية لجمع التبرعات ومناشدة زملائه الوقوف إلى جانبه، مؤكدًا أن “الكرامة لا تُشترى، لكنها تُستعاد بالتضامن”.