وفرة إنتاج البصل في بودربالة تُفاقم أزمة انخفاض الأسعار وتكبد الفلاحين خسائر
تعيش منطقة بودربالة بإقليم الحاجب، المعروفة بزراعة البصل على مساحات شاسعة، واحدة من أصعب فتراتها الاقتصادية. فبعد موسم زراعي ناجح من حيث وفرة الإنتاج وجودة المحصول، تفاجأ المزارعون بانخفاض حاد في أسعار البصل، مما جعلهم يواجهون أزمة اقتصادية خانقة. وبالرغم من أن الفلاحين في المنطقة كانوا يعتمدون على هذا المحصول كأحد أهم مصادر دخلهم، إلا أن الأثمان المتدنية لا تغطي حتى تكاليف الإنتاج.
وفرة الإنتاج وأسباب الأزمة
تُعد بودربالة إحدى المناطق الرائدة في إنتاج البصل بالمغرب، وذلك بفضل المناخ المعتدل الذي يسهم في تحقيق إنتاج جيد ووفير. في هذا الموسم، حقق المزارعون حصيلة وفيرة، حيث تم زرع كل المساحات المتاحة، مما أدى إلى تحقيق إنتاج وفير. ومع ذلك، انخفض سعر بيع البصل في الضيعات إلى 80 سنتيمًا فقط (18 ريالًا)، بينما بلغ سعره في الأسواق حوالي درهمين ونصف، وهو ما تسبب في خسائر فادحة للفلاحين.
تكلفة الإنتاج المرتفعة
أحد أبرز أسباب الأزمة التي يعاني منها مزارعو بودربالة هو ارتفاع تكاليف الإنتاج. فأسعار الأسمدة والمبيدات الكيماوية ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى الزيادة في أسعار قنينات الغاز، التي تُستخدم بشكل كبير في العملية الفلاحية. ويتطلب زراعة البصل العديد من الأسمدة والمبيدات لمكافحة الآفات والحشرات، ما يجعل التكلفة العامة مرتفعة جدًا مقارنة بالعائد المالي الحالي.
غياب التصدير وزيادة المخاوف
بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، فإن غياب قنوات فعالة للتصدير زاد من تعقيد الوضع. فالتصدير إلى الأسواق الخارجية، مثل موريتانيا ومالي ودول إفريقيا الغربية، ظل محدودًا، ما أدى إلى تراكم المحاصيل دون تصريف كافٍ. هذا الوضع أثار مخاوف المزارعين من عدم تمكنهم من تسويق منتجاتهم قبل انتهاء فترة صلاحيتها، مما قد يتسبب في إتلاف كميات كبيرة من المحصول.
الحاجة إلى تدخل عاجل:
يطالب المزارعون الجهات المعنية بالتدخل العاجل لفتح أسواق تصديرية جديدة، وتنظيم عملية التسويق الداخلي لضمان عدم إغراق السوق المحلي بالبصل، مما يؤدي إلى خفض أسعاره بشكل أكبر. كما يأمل الفلاحون في إنشاء وحدات عصرية لتخزين وتلفيف البصل، مما سيساهم في الحفاظ على جودة المحصول لفترات أطول، ويقلل من الفاقد الناتج عن انتهاء صلاحية التخزين التقليدي.
الحلول المقترحة
في هذا الإطار، يُعوّل مزارعو منطقة بودربالة على برامج التنمية الجهوية لإنشاء وحدة حديثة لتخزين البصل وتلفيفه بقطب الصناعات الفلاحية “أكروبوليس مكناس”. من شأن هذه الوحدة أن توفر حلولاً عملية لتخزين الإنتاج الوفير، وتساهم في تحسين جودة البصل، مما يمكن من فتح أسواق جديدة للتصدير ويقلل من الخسائر التي يتكبدها المزارعون.
ختامًا، فإن استمرار أزمة انخفاض أسعار البصل في منطقة بودربالة يستوجب تدخلات عاجلة على مختلف الأصعدة. فتح باب التصدير وإنشاء وحدات تخزين عصرية قد تكون الخطوات الأساسية لضمان استدامة هذا القطاع الحيوي الذي يعتبر مصدر رزق آلاف العائلات في المنطقة.