‫الرئيسية‬ سياسة من تندوف إلى النسيان: سقوط البوليساريو…
سياسة - أغسطس 29, 2025

من تندوف إلى النسيان: سقوط البوليساريو…

البوليساريو

منذ أكثر من أربعين سنة، يدّعي البوليساريو أنه يجسد «تقرير المصير» في الصحراء. لكن الحقيقة مختلفة تماماً: فالحركة اليوم مجرد جهاز هرِم، منفصل عن قاعدته الشعبية، وعاجز عن تقديم أي أفق سياسي مقنع. أجيال كاملة تعيش في مخيمات تندوف باتت تدرك الحقيقة أكثر من أي وقت مضى: الاستفتاء الموعود لن يأتي أبداً. الشباب يرفضون الجمود الذي يطبع قيادة متكلسة، متشبثة بالامتيازات، وعاجزة عن التجديد.

عزلة دبلوماسية متزايدة

كان البوليساريو في الماضي يحظى بدعم عدد من الدول، لكنه اليوم يعيش تآكلاً دبلوماسياً لا رجعة فيه. عشرات الدول سحبت اعترافها بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”. في إفريقيا وأمريكا اللاتينية يتراجع الدعم يوماً بعد يوم. في المقابل، يحقق المغرب نجاحات دبلوماسية متلاحقة: افتتاح قنصليات في العيون والداخلة، شراكات استراتيجية، وخاصة اعتراف الولايات المتحدة بسيادته سنة 2020. الفارق صار صارخاً: المغرب يتقدم، بينما البوليساريو يتراجع.

مشروع مستحيل التحقيق

جوهر مشروع البوليساريو ـ أي تنظيم استفتاء حول الانفصال ـ وُلد ميتاً. الأمم المتحدة نفسها باتت تتحدث عن حل «واقعي، عملي ودائم»، أي الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب. تشبّث البوليساريو بأحلام واهية يضعف مصداقيته أكثر فأكثر. القوى الكبرى لم تعد تملك الصبر لسيناريو غير قابل للتحقق. الدينامية الدولية لم تعد تتجه نحو الانفصال، بل نحو الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.

الجزائر: دعم متداعٍ

البوليساريو لا يعيش إلا بإرادة الجزائر التي تستعمله كورقة جيوسياسية. غير أن الجزائر تواجه أزماتها الخاصة: اقتصاد يعتمد على المحروقات، توترات اجتماعية، وأولويات أمنية في الساحل وليبيا. الاستمرار في دعم قضية خاسرة صار عبئاً استراتيجياً مكلفاً. حتى في الجزائر نفسها، لم تعد قضية الصحراء تحظى بنفس الأهمية السابقة. البوليساريو بات مجرد ورقة ثقيلة على حامله.

ضغط دولي وتحوّل محتمل في مهام المينورسو

إشارة قوية أخرى: مهمة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) قد تشهد قريباً تغييراً في مهامها. فإذا دفعت الولايات المتحدة وقوى أخرى نحو إعادة توجيهها لصالح مشروع الحكم الذاتي، فستكون نهاية أسطورة الاستفتاء قد حُسمت. حينها، سيفقد البوليساريو آخر واجهة مؤسساتية كان يستعملها لتبرير وجوده الدبلوماسي. هذا التغيير المرتقب سيعزز التوجه الغالب: حتمية الحل المغربي.

نحو النهاية المحتومة

التاريخ واضح: الحركات التي ترفض الواقعية، وتصر على الجمود والعزلة، ينتهي بها المطاف إلى الزوال. والبوليساريو ليس استثناءً. فهو اليوم منفصل عن قواعده، فاقد للدعم الفعّال، محاصر في رمال تندوف، ومعتمد على راعٍ متعب. إنّه يسير بخطى ثابتة نحو نهايته. ليست نهاية مدوية، بل اندثاراً تدريجياً لصالح حل عملي ودائم: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.