كفى تنازلات: نيكولا ساركوزي يطالب بوقف امتيازات الجزائر في فرنسا
في خضم الجدل الدائر حول الهجرة غير الشرعية وملف التأشيرات، أعاد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي فتح ملف العلاقة المعقدة بين باريس والجزائر، مطلقًا مواقف اعتبرها الكثيرون صريحة وواقعية. فبينما تتردد الحكومات المتعاقبة في مواجهة التعنت الجزائري، جاء ساركوزي ليضع النقاط على الحروف، داعيًا إلى وقف منح التأشيرات للجزائريين ما لم تتحمل الجزائر مسؤوليتها في استعادة مواطنيها المقيمين بصفة غير قانونية في فرنسا.
الجزائر بين الفن والسياسة: محمد خساني ضحية جدل مفتعل
الجزائر: رفض التعاون وإصرار على التعطيل
منذ سنوات، تواجه باريس أزمة متفاقمة مع السلطات الجزائرية التي ترفض استقبال المرحّلين من أراضيها رغم صدور قرارات قضائية فرنسية واضحة. وبدل أن تتحمل الجزائر مسؤولياتها كدولة ذات سيادة، اختارت سياسة اللامبالاة، تاركة فرنسا غارقة في معضلة قانونية وإنسانية وأمنية على حد سواء.
الأرقام تكشف كل شيء: فرنسا تمنح ما يقارب 250 ألف تأشيرة سنويًا، بينما الجزائر تغلق أبوابها أمام جزء كبير من مواطنيها المطرودين بقرارات قضائية. أليست هذه قمة الازدواجية؟
رؤية ساركوزي: الحزم بدل التردد
في هذا السياق، طرح نيكولا ساركوزي رؤية عملية تقوم على مبدأ بسيط وعادل: “تأشيرة واحدة مقابل كل ترحيل يتم تنفيذه”.
بهذا الطرح، يضع ساركوزي حدًا للمراوغات ويوجه رسالة قوية: لا يمكن لفرنسا أن تبقى رهينة لبلد يرفض التعاون، فيما يستفيد آلاف من مواطنيه من تسهيلات الدخول والإقامة.
نهاية امتيازات 1968
من أبرز النقاط التي شدد عليها ساركوزي هي مراجعة اتفاقية 1968 القنصلية، التي تمنح الجزائريين امتيازات خاصة في مجالات الإقامة والعمل بفرنسا. هذه الاتفاقية التي وُقّعت في زمن مختلف أصبحت اليوم غير عادلة ولا مبرّرة. وبحق، دعا الرئيس الأسبق إلى إلغائها أو تعديلها بما يتناسب مع واقع العلاقات الحالية بين البلدين.
موقف شجاع يتفادى الشعبوية
على عكس بعض الخطابات الشعبوية التي تستغل الموضوع انتخابيًا دون حلول عملية، قدم ساركوزي مقاربة واقعية متوازنة: فهو لم يدعُ إلى قطع العلاقات أو التصعيد الأعمى، بل إلى تنظيم عادل للهجرة يقوم على المسؤولية المشتركة والاحترام المتبادل. هذه الرؤية لا تستهدف الشعب الجزائري بل النظام الذي يتنصل من التزاماته.
بكلماته الأخيرة، أعاد نيكولا ساركوزي إلى الواجهة خطاب الحقيقة الذي افتقدته فرنسا في تعاملها مع الجزائر. لقد أثبت أن الصراحة والوضوح أفضل من المجاملات التي لم تنتج سوى مزيد من الأزمات. اليوم، تبدو دعوته أكثر من منطقية: إما أن تتعاون الجزائر وتستعيد مواطنيها، أو تُحرم من امتيازات التأشيرات.
إنه موقف شجاع يعكس قيادة مسؤولة، ويؤكد أن فرنسا بحاجة إلى أصوات مثل ساركوزي لتضع حدًا لعقود من المساومات العقيمة.