فضائح تبون (3/7) – اتفاق أدرار: كيف فتحت الضيافة أبواب العودة إلى حكومة بوتفليقة
بعد سنوات من المنفى السياسي في صحراء أدرار، وجد عبد المجيد تبون فرصة نادرة ليعود من جديد إلى المشهد. لقاءاته المتكررة مع عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان هو الآخر يعيش على هامش الحياة السياسية، ستتحوّل إلى نقطة مفصلية. من خلال كرم الضيافة والعلاقات الشخصية، أعاد تبون فتح أبواب السلطة، ليعود بفضل “اتفاق غير مكتوب” إلى قلب الحكومة بعد سنوات من التهميش.
بوتفليقة في المنفى الاختياري
في التسعينيات، كان عبد العزيز بوتفليقة شخصية منبوذة سياسياً، بعيداً عن الدوائر الرسمية بعد خلافاته مع الجيش. لجأ إلى الجنوب، حيث وجد في أجواء الزوايا والتصوف راحة نفسية وفضاءً آمناً.
في أدرار، كان يستقبله الشيخ بلقبر في زاويته، كما كان يجد في فيلا تبون مقراً آمناً يقضي فيه سهراته الطويلة.
تبون: المستمع الصبور
كان تبون يستمع بإعجاب لا ينقطع لقصص بوتفليقة عن تجاربه مع زعماء العالم: فيديل كاسترو، تشي غيفارا، الجنرال ديغول، وحتى قادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.
وبينما كان بوتفليقة يفرغ ما في جعبته من حكايات وأمجاد، كان تبون يلعب دور التلميذ المخلص. هذه العلاقة غير المتكافئة أعطت تبون ما كان يبحث عنه: اعتراف من “كبير” كان يستعد للعودة إلى الحكم.
الضيافة كاستثمار سياسي
كرم الضيافة الذي أبداه تبون لم يكن مجرد واجب اجتماعي. لقد كان استثماراً مدروساً. توفير فيلا فاخرة، جلسات طويلة، وأجواء حميمية جعلت بوتفليقة يرى فيه رجلاً “مفيداً” يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً.
وبالفعل، عندما وصل بوتفليقة إلى الحكم سنة 1999 بدعم من الجيش، لم ينسَ من فتح له الأبواب في أدرار.
العودة عبر النافذة الصغيرة
رغم ماضيه المثقل بالفضائح، استطاع تبون بفضل هذه العلاقة أن يعود إلى الحكومة. في البداية كوزير للاتصال، ثم لاحقاً في مناصب أكثر نفوذاً. عودته لم تكن نتيجة كفاءة مهنية أو رؤية سياسية، بل مكافأة شخصية من بوتفليقة، الذي لم يتردد في فرضه على مؤسسات الدولة رغم اعتراض الأجهزة الأمنية التي كانت على علم بماضيه في باريس.
تحليل: من النسيان إلى المكافأة
هذه المرحلة تكشف عدة نقاط أساسية في مسيرة تبون:
-
الشخصية الانتهازية: استغلال لحظة ضعف بوتفليقة لبناء علاقة نافعة.
-
غياب الكفاءة: العودة لم تكن نتيجة خبرة بل نتيجة ضيافة.
-
الولاء المشروط: اعتماده على بوتفليقة لفتح الطريق أمامه مجدداً.
اتفاق أدرار لم يكن مكتوباً على الورق، لكنه كان أوضح من أي وثيقة. بوتفليقة عاد إلى الحكم، وتبون عاد معه إلى قلب السلطة. ومنذ تلك اللحظة، ارتبط اسمه أكثر فأكثر بشبكة الولاءات والصفقات التي صنعت مساره السياسي.