عبد الرزاق مقري… الازدواجية الأخلاقية باسم فلسطين
لا يفوّت عبد الرزاق مقري، الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، فرصة لمهاجمة المغرب كلما تعلق الأمر بالتطبيع مع إسرائيل. لكن اللافت في خرجاته المتكررة هو هذا الكمّ الهائل من الانتقائية الأخلاقية والتناقضات الصارخة التي تطبع خطابه، مما يطرح سؤالًا صريحًا: هل القضية الفلسطينية بالنسبة لمقري مبدأ ثابت أم ورقة سياسية موسمية لتسجيل النقاط الإيديولوجية؟
وليد صادي ضمن عشرين من كبار مسؤولي النظام الجزائري المستهدفين من قبل السلطات الفرنسية
تسييس القضية الفلسطينية لتصفية حسابات مغاربية
منذ توقيع المغرب على اتفاقيات أبراهام، لم يتوقف مقري عن توجيه سهامه نحو الرباط، متجاهلًا السياقات المعقدة للقرار المغربي، وعلى رأسها اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه. في المقابل، لم نرَ لمقري موقفًا واحدًا من العلاقات السرية والعلنية بين أطراف دولية، وبعض الفاعلين في محيطه الإقليمي، مع إسرائيل، ما يكشف عن معايير مزدوجة واضحة في مواقفه.
تحريض باسم “الأخوة”
في رسالته الأخيرة، التي خاطب فيها الشعب المغربي، استخدم مقري خطابًا عاطفيًا مليئًا بالكلمات الكبرى من قبيل “الجيرة” و”النسب” و”المصير المشترك”، لكنه لم يتورع عن وصف علاقة المغرب مع إسرائيل بـ”الخيانة” بل واعتبرها استعانة بـ”المجرمين الصهاينة”. المفارقة أن هذا الكلام لا يُوجّه لأي طرف آخر في المنطقة، حتى ممن تربطهم علاقات وثيقة بتل أبيب منذ عقود، ما يجعل من حديثه عن “الأخوة” مجرد ستار لخطاب عدائي موجه بعناية.
غياب النقد للداخل الجزائري
الغريب في موقف مقري أنه يتحدث باسم القيم والدين والمبادئ، في حين لا يجد في نفسه الجرأة لانتقاد الممارسات القمعية داخل بلده، ولا منع التظاهرات المؤيدة لفلسطين في شوارع الجزائر، بل لم نره يطالب، لا هو ولا حزبه، السلطات بالسماح للشعب الجزائري بالتعبير بحرية عن تضامنه مع غزة، بينما يحمّل الشعب المغربي تبعات قرارات سياسية اتخذتها مؤسسات الدولة.
خطاب متناقض وموقع سياسي غامض
مقري يقول إنه لا يمثل النظام الجزائري ولا أي تنظيم سياسي، لكنه في كل خرجة إعلامية يظهر كمجسّد لخطّه الرسمي، بل ويزايد عليه أحيانًا في التشدّد تجاه المغرب. كما أن تبرّؤه من أي صفة حزبية أو رسمية، في حين كان إلى عهد قريب رئيس أكبر حزب إسلامي في الجزائر، يكشف ارتباكًا واضحًا في تموقعه السياسي، ويمنحه هامشًا للهجوم دون تحمّل التبعات.
عبد الرزاق مقري ليس مدافعًا صادقًا عن فلسطين بقدر ما هو صوت يستثمر في القضية لتغذية عداء إيديولوجي تجاه المغرب، معتمدًا على لغة مزدوجة ومواقف انتقائية. أما خطابه الأخير، فلم يكن سوى تكرار لنفس النغمة القديمة: استغلال القضية الفلسطينية لتغذية صراعات مغاربية لا تخدم لا فلسطين ولا شعوب المنطقة.