بين شرعية المغرب وعزلة البوليساريو: بريتوريا تختار الوقوف في الجانب الخاطئ من التاريخ
في خطوة تعكس استمرار انحيازها الأيديولوجي البائد، تستعد جنوب إفريقيا، من خلال حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC)، لاستضافة وفد من جبهة البوليساريو الانفصالية ضمن ما يُسمى بـ”قمة حركات التحرر”، من 25 إلى 28 يوليوز. هذه الدعوة، التي وجهت لما يُعرف بوزير خارجية الجبهة، محمد يسلم بيسات، تكشف مرة أخرى عن التناقض الصارخ في مواقف بريتوريا التي تتغنى بالديمقراطية، بينما تحتضن كيانا وهميا لا شرعية له، وتغض الطرف عن مسار أممي يدعو إلى الواقعية والبراغماتية.
جنوب إفريقيا، الدولة التي مازالت أسيرة سرديات الحرب الباردة، تضع نفسها في تناقض مع المجتمع الدولي، ومع مبادئ الأمم المتحدة التي تؤكد على الحل السياسي المتوافق عليه لقضية الصحراء المغربية. فبينما تدعم معظم القوى الكبرى وجيران المغرب مقترح الحكم الذاتي كحل جدي وذي مصداقية، تصر بريتوريا على دعم مليشيات انفصالية تتحرك بأجندة جزائرية واضحة.
الدعوة الموجهة لبيسات تأتي في سياق محاولات يائسة لإضفاء طابع شرعي على كيان لا يمتلك أي سيادة، لا على الأرض ولا في القانون الدولي. بل إن الجبهة نفسها تعاني من عزلة متزايدة، بعدما بدأت دول إفريقية عديدة بسحب اعترافها بما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”، انسجاما مع الواقع الجديد الذي تفرضه الدبلوماسية المغربية النشيطة بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
الأخطر في الأمر أن جنوب إفريقيا، عبر سفارتها في الجزائر، تنسق بشكل مكشوف مع خصوم وحدة المغرب الترابية، متجاهلةً مسؤوليتها كدولة عضو في الاتحاد الإفريقي كان من المفترض أن تدفع نحو التهدئة والحوار، لا إلى التصعيد والتحريض.
وفي الوقت الذي ينخرط فيه المغرب في تنمية أقاليمه الجنوبية، ويُقيم مشاريع استراتيجية كبرى في الداخلة والعيون، ويُعزز حضوره الإفريقي عبر مبادرات تضامنية وتنموية، تختار جنوب إفريقيا الاصطفاف خلف أطروحة انفصالية تُغذي الانقسام وتُجهض فرص التكامل القاري.
أما استضافة شخصية مثل جبريل رجوب، المعروف بولائه لأجندات خارجية تتجاوز المصلحة الفلسطينية، فهي تأكيد إضافي على أن القمة المزعومة لا علاقة لها بحركات التحرر، بل هي مجرد منصة لتصفية الحسابات السياسية واستهداف وحدة المملكة المغربية.
إن المغرب، بشهادة المجتمع الدولي، يكرّس جهوده لحل النزاع المفتعل في إطار السيادة والوحدة الوطنية، بينما تنغمس جنوب إفريقيا والبوليساريو في خطاب متجاوز، يفتقر للواقعية والدعم الشعبي والدولي. والتاريخ، كما العدل، سيكون حليف المملكة المغربية، بينما تتآكل مصداقية من يصرون على تجاهل الحقائق.