انطلاق الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 في المغرب: تعرف على تفاصيل العملية

في الأول من سبتمبر 2024، انطلق رسميًا الإحصاء العام للسكان والسكنى في المغرب، وهو عملية إحصائية شاملة تهدف إلى جمع بيانات دقيقة حول سكان المملكة وظروف معيشتهم. يستند هذا الإحصاء إلى جهود تحضيرية استمرت لعامين كاملين، شارك فيها الآلاف من الباحثين الميدانيين والعديد من الخبراء، وذلك لضمان جمع بيانات دقيقة تسهم في رسم سياسات مستقبلية فعّالة.

تحضيرات مكثفة لنجاح الإحصاء

قبل الشروع في عملية الإحصاء، تم تعبئة 55,000 باحث ميداني لتغطية 38,000 منطقة إحصائية موزعة على مستوى المملكة. وقد تم تنظيم جولة تدريبية مكثفة لهؤلاء الباحثين في 30 أغسطس، حيث تعرفوا على المناطق المخصصة لهم وعلى السكان والمرافق المحلية. هذه الخطوة التحضيرية كانت ضرورية لضمان فهم عميق للبيئة المحلية مما يساعد في جمع بيانات دقيقة وموثوقة.

ميزانية ضخمة وشفافية في الإدارة

خصصت الحكومة المغربية ميزانية قدرها 1.46 مليار درهم لتمويل الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024. وقد تم توزيع هذه الميزانية على مدى أربع سنوات، من 2022 إلى 2025، بهدف تغطية جميع جوانب العملية، بما في ذلك تعويضات الباحثين الميدانيين التي استحوذت على النصيب الأكبر (67%) من الميزانية، بواقع 970 مليون درهم. بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص 200 مليون درهم لشراء الأجهزة والأدوات الرقمية التي ستُستخدم في جمع البيانات، مما يعكس التزام المغرب بالتحول الرقمي في عملياته الإحصائية.

إدارة شفافة رغم الانتقادات

على الرغم من الانتقادات المتعلقة بالشفافية في إدارة الميزانية، خصوصًا فيما يتعلق بعقود شراء الأجهزة اللوحية وتأجير السيارات خارج بوابة المشتريات العمومية، أكد أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، أن جميع الإجراءات تمت بشفافية تامة. وأوضح أن العقود التي أُبرمت خارج الإطار التقليدي جاءت نتيجة للضرورة الملحة للعملية، وقد تمت بعد موافقة رئيس الحكومة.

العلاقة مع السجل الاجتماعي الموحد (RSU)

مع اقتراب موعد الإحصاء، أثيرت تساؤلات حول علاقته بالسجل الاجتماعي الموحد (RSU) والمساعدات الاجتماعية المباشرة. كان هناك تخوف من أن البيانات التي سيتم جمعها قد تؤثر على استحقاق الأفراد لهذه المساعدات. في هذا السياق، أكد الحليمي أن الإحصاء ليس له أي علاقة بالسجل الاجتماعي الموحد، وأن هدف الإحصاء هو تحديد العدد القانوني للسكان وتحليل الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، وليس تقييم مستوى الثراء أو الفقر.

الجدل حول اللغة الأمازيغية

أثار بعض النشطاء الأمازيغيين جدلًا حول ضرورة التحدث باللغة الأمازيغية أثناء الإحصاء لضمان تمثيل أفضل للسكان الناطقين بها. وردًا على هذا الجدل، أكد الحليمي أن الإحصاء هو عملية وطنية شاملة وليست عرقية، مشددًا على أن اللغة المستخدمة لن تؤثر على أهداف الإحصاء. كما أشار إلى أن الباحثين الميدانيين تم اختيارهم بناءً على معرفتهم بالمناطق وسكانها ولغاتهم المحلية.

تحسينات منهجية وتقنية

يتميز الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024 بعدة تحسينات، سواء من الناحية المنهجية أو التقنية. من الناحية المنهجية، سيتم جمع بيانات شاملة لجميع الأسر والأفراد، مع استخدام عينات لتقدير بعض الخصائص السكانية. ستُستخدم استمارتين: استمارة قصيرة لجميع الأسر، واستمارة طويلة مخصصة لعينات محددة تشمل مواضيع مثل التغطية الصحية، البيئة، واستخدام تقنيات الاتصال.

تحول رقمي شامل

في إطار التحول الرقمي، سيتضمن الإحصاء دمج جميع عمليات جمع البيانات من خلال نظام معلومات جغرافي متنقل، وتطبيق لجمع البيانات (CAPI)، ومنصة ويب لمتابعة وإدارة الأعمال. هذه الأدوات التكنولوجية ستسهم في تحسين جودة البيانات وتقليل التكاليف.

الإحصاء: خطوة نحو مستقبل مشرق

يعتبر الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 2024 محطة هامة في مسيرة المغرب نحو التنمية المستدامة. من خلال جمع بيانات دقيقة وشاملة، سيتمكن صناع القرار من توجيه السياسات العامة بشكل أفضل وتحديد أولويات المستقبل. وكما قال الحليمي: “هذا الإحصاء ليس مجرد عملية جمع بيانات، بل هو إحصاء يُبشر بالمستقبل”، مما يعكس التزام المملكة بتخطيط مستقبل أفضل لمواطنيها.