‫الرئيسية‬ سياسة لماذا امتنعت باكستان عن التصويت في مجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية؟
سياسة - ‫‫‫‏‫22 ساعة مضت‬

لماذا امتنعت باكستان عن التصويت في مجلس الأمن بشأن الصحراء المغربية؟

باكستان الصحراء المغربية

اعتمد مجلس الأمن الدولي مؤخرًا قرارًا جديدًا يقضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو)، مؤكّدًا أن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل الواقعي والعملي الوحيد لإنهاء هذا النزاع الإقليمي الطويل الأمد.
وقد حظي القرار بدعم واسع داخل المجلس، غير أن امتناع باكستان عن التصويت أثار اهتمام المتابعين، خصوصًا أن العلاقات المغربية–الباكستانية تتسم بالود والتعاون. فما الأسباب وراء هذا الموقف الحذر؟

قضية كشمير في خلفية القرار

يُجمع المراقبون على أن امتناع باكستان عن التصويت لا يعكس خلافًا مع المغرب، بل ينطلق من حسابات داخلية مرتبطة بقضية كشمير.
فإسلام آباد ترى في الصحراء المغربية ملفًا مشابهًا من حيث المبدأ لملف كشمير، حيث يُطرح فيه موضوع “تقرير المصير” والاستفتاء. وبما أن باكستان تُطالب منذ عقود بإجراء استفتاء في كشمير تحت إشراف الأمم المتحدة، فإن تصويتها لصالح الحكم الذاتي المغربي كان سيُضعف موقفها القانوني والسياسي أمام الهند.
لذلك فضّلت الامتناع عن التصويت لتجنّب أي سابقة قد تُستخدم ضدها في المستقبل.

الحياد الإيجابي تجاه المغرب

على الرغم من امتناعها، لم تتخذ باكستان أي موقف معادٍ للمغرب، بل التزمت الحياد الإيجابي الذي يسمح لها بالحفاظ على علاقاتها مع الرباط دون المساس بموقفها من كشمير.
باكستان لم تعترف يومًا بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”، ولم تُقدّم دعمًا مباشرًا لجبهة البوليساريو. كما أن مسؤوليها يؤكدون باستمرار رغبتهم في تعزيز التعاون مع المغرب في المجالات الاقتصادية والعسكرية والثقافية.

علاقات مغربية–باكستانية متينة

تشهد العلاقات بين الرباط وإسلام آباد تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة.
ففي عام 2025، عُقدت لقاءات اقتصادية مهمة في الدار البيضاء والرباط بين فاعلين اقتصاديين من البلدين لتقوية الاستثمارات المشتركة، خاصة في مجالات النسيج، والصناعات الصيدلانية، والمعدات الجراحية، والمنتجات الفلاحية.
كما يوجد تعاون عسكري متزايد في مجالات التدريب وتبادل الخبرات ومكافحة الإرهاب، إلى جانب محادثات حول مشاريع صناعية دفاعية مشتركة.

نجاح الدبلوماسية المغربية في التوازن

في المقابل، نجح المغرب في بناء شراكة استراتيجية متينة مع الهند، الخصم التقليدي لباكستان، دون أن يؤثر ذلك سلبًا على علاقاته مع إسلام آباد.
الهند بدورها غيّرت موقفها التاريخي من ملف الصحراء، إذ سحبت اعترافها بالبوليساريو سنة 2000، وأعلنت دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الأساس الوحيد الجاد والواقعي لحل النزاع.

امتناع باكستان عن التصويت في مجلس الأمن لا يُعتبر موقفًا ضد المغرب، بل هو قرار دبلوماسي محسوب مرتبط أساسًا بتوازناتها الإقليمية وبقضية كشمير.
في المقابل، فإن تمرير القرار بأغلبية مريحة يُعدّ انتصارًا دبلوماسيًا جديدًا للمغرب، يؤكد أن المجتمع الدولي بات ينظر إلى مبادرة الحكم الذاتي المغربية كإطار واقعي وحيد لتسوية النزاع، تحت السيادة المغربية الكاملة.

اترك تعليقاً